recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

تحديات ورهانات انضمام المغرب لمنظمة الإتحاد الإفريقي


تحديات ورهانات انضمام المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي




أسباب انضمام المغرب لمنظمة لاتحاد الإفريقي 


     تشكل عودة المغرب للمؤسسة الإفريقية بعد انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية لأزيد من 32 سنة بسبب قبول عضوية الجمهورية الصحراوية الوهمية، أحد أهم القضايا التي تشهدها الساحة الإفريقية عامة والمغربية خاصة، حيث يتساءل الكثيرون عن سبب هذا الانضمام وفي هذه الظرفية بالذات، لذلك ارتأينا الإجابة عن هذا التساؤل من خلال نقطتين أساسيتين.

     أولهما اقتصادية، حيث يعمل المغرب على بناء شراكات جديدة تقوم على أساس التعاون جنوب-جنوب، وتكون مرتكزة على المشاريع الاقتصادية المنتجة للثروة بنكهة إنسانية واجتماعية وثقافية متميزة، فإفريقيا حاليا تعتبر ثاني أكبر المناطق جذبا للاستثمارات، وتتوفر على موارد وثروات طبيعية متنوعة، وبالتالي، فانضمام المغرب للمنظمة الإفريقية في هذه الظرفية، سيفتح أمامه فرصا استثمارية مهمة، ولعل الموقع الاستراتيجي المتميز للمغرب، يمكن أن يجعل منه نقطة عبور للاستثمارات الأوربية والأمريكية والخليجية المتطلعة لتمويل مشاريع استثمارية في القارة، ومن ثم، فالتوجه الجديد للسياسة الخارجية المغربية لا يقتصر فقط على تجاوز واقع الأزمة الاقتصادية التي يعرفها مع شركائه التقليديين بالاتحاد الأوربي تحديدا، وإنما يشمل أيضا العمل على تنويع شركائه خاصة بإفريقيا، التي لاتزال أرضا خصبة للاستثمار.

     أما النقطة الثانية، فهي سياسية بامتياز، وتتمثل أساسا في عدم اعتراف أي منظمة دولية بالجمهورية الصحراوية الوهمية باستثناء منظمة الاتحاد الإفريقي، وفي ظل سحب مجموعة من الدول الإفريقية لاعترافها بالكيان الوهمي، صار انضمام المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي ضروريا لدفاعه عن قضيته الوطنية من داخل المنظمة، وذلك في سبيل إضعاف الطرح الانفصالي لجبهة البوليساريو الذي لطالما دعمتها فيه كل من الجزائر وجنوب إفريقيا.   



تحديات انضمام المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي     


     إن انضمام المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي يصطدم بمجموعة من التحديات، لعل أهمها كون السبب الرئيسي لانسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية هو قبولها لعضوية الجمهورية الصحراوية الوهمية، وهو نفس الشيء بالنسبة لمنظمة الاتحاد الإفريقي التي تعتبر الجمهورية الوهمية بمثابة أحد أعضائها المؤسسين، مما يدفع بخصوم المغرب الى اعتبار هذا الانضمام بمثابة اعتراف بها.

    ويمكن الرد على ذلك بأنه للاعتراف في القانون الدولي شروط متعددة، فقد يكون صريحا أو ضمنيا، كما أن الانضمام لمنظمة الاتحاد الإفريقي لا يعني الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية، فأغلب الدول العربية لا تعترف بإسرائيل رغم عضويتها إلى جانبها في منظمة الأمم المتحدة.

     كذلك، يتضمن ميثاق منظمة الاتحاد الإفريقي لمجموعة من البنود التي تشكل تحديات قانونية للمغرب، والتي يجب عليه مواجهتها بالوسائل القانونية والدبلوماسية الممكنة، حيث تنص المادة 3 في البند 2 من القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي على الالتزام بالدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، كما تنص المادة 4 في بندها 2 على احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال، وهنا يجب الوقوف على مجموعة من النقط الأساسية، أولها إثبات أن الجمهورية الصحراوية الوهمية لا تتوفر على مقومات الدولة المنصوص عليها في القانون الدولي، والتي تنقسم إلى عناصر مادية تتكون من الشعب والإقليم والسلطة السياسية، ثم عناصر قانونية متمثلة في السيادة والشخصية القانونية.

     وهكذا، وفيما يتعلق بالشعب، فإن سكان الصحراء المغربية ظلوا أوفياء لعقد البيعة التي كانت تربطهم بسلاطين المغرب، وحتى مع انسحاب المستعمر الإسباني من الصحراء المغربية سنة 1975، كان أغلب سكانها عبارة عن رحل متنقلين، ولعل من مبادئ القانون الدولي اعتبار الرحل المتنقلين بأنهم غير أكفاء لتكوين دولة، ومن حيث الإقليم فالجمهورية الصحراوية الوهمية تعتبر أنها تسيطر على %20 من الإقليم المتنازع عليه، والتي يعتبرها المغرب والأمم المتحدة منطقة عازلة، ويعيش أغلب أفرادها بتندوف في الجزائر، أما من حيث السيادة، فالجمهورية الصحراوية الوهمية ليست لديها سيادة على الإقليم التي تدعي أنه ينتمي لها، كما لا تعترف بها جميع المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة باستثناء منظمة الاتحاد الإفريقي، هذا الى جانب سحب مجموعة من الدول لاعترافها بها خلال العقود الماضية، ومن جهة أخرى، فمطالبة جبهة البوليساريو بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير تتعارض كليا مع اعتبارها دولة كاملة السيادة، وكذلك فمبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار هو مبدأ سياسي بامتياز وليس قانوني، ويتناقض بشكل تام مع مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.        



رهانات الدبلوماسية المغربية في الاتحاد الإفريقي


    يتعين على المغرب أن يتعامل مع الوضع الجديد وفق أجندة زمنية واستراتيجية، من خلال تثبيت تواجده في منظمة الاتحاد الإفريقي كخطوة أولى، والتغلغل ضمن مؤسساتها، ثم العمل على طرد الجمهورية الصحراوية الوهمية أو على الأقل تجميد عضويتها إلى غاية الوصول الى حل سياسي تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة.

     وبالتالي يجب على المغرب العمل على إقامة جبهة إفريقية مساندة له داخل منظمة الاتحاد الإفريقي، وبناء علاقات براغماتية مع خصومه من خلال توظيف الوسائل الاقتصادية والأمنية والدينية، واعتماد المقاربة الإنسانية اتجاه الشعوب الإفريقية من خلال نشر تجربته في التعامل مع المهاجرين الأفارقة، ومن ثم إقناعه لها بضرورة العمل على تطوير هياكل المنظمة ومراجعة القانون التأسيسي لها.

    وتقتضي هذه النقطة الأخيرة المتعلقة بالتعديل والمراجعة حسب المادة 32 من القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، موافقة ثلتي الأعضاء، أي ما يعادل أصوات 36 دولة لتعديل مقتضياته، وهنا يمكن اعتبار أن المغرب قد استطاع ضمان تأييد 28 دولة، وهي التي سبق أن تقدمت بملتمس حول تعليق مشاركة الجمهورية الصحراوية الوهمية في أنشطة أجهزة الاتحاد الإفريقي، ومن ثم يتعين عليه استمالة تأييد 8 دول أخرى من أجل استكمال النصاب القانوني لتعديل القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، ويمكن تحقيق ذلك باستقطاب الدول المحايدة، أما بخصوص الدول المعترفة بالجمهورية الصحراوية الوهمية، فيجب على الدبلوماسية المغربية العمل وفق استراتيجية جادة وذات أهداف محددة من أجل إيجاد طرق للتواصل والنقاش، وتوظيف العامل الاقتصادي لدفع هذه الدول إلى تليين موقفها المعادي للوحدة الوطنية، ولما لا كسب تأييدها مستقبلا.

     وبالتالي يجب على الدبلوماسية المغربية إعداد ملف دقيق حول الجمهورية الصحراوية الوهمية يثبت عدم أهليتها بالعضوية في منظمة الاتحاد الإفريقي، إضافة إلى التأكيد على المقترح المغربي المتعلق بمنح الأقاليم الجنوبية الحكم الذاتي الموسع، الذي يضمن للمواطنين الصحراويين فرصة العيش المشترك مع باقي السكان المغاربة تحت السيادة المغربية. 


بقلم : محمد البخاري.




عن الكاتب :

Art of words - فن الكلمات

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور، فن الكلمات – Art of words.

جميع الحقوق محفوظة ل

خبر24 - khabar24